بمناسبة اقتراب موعد الحيرة السنوي ” مفاضلة الجامعات السورية ” أحببت أن أقدم مساعدة لزملائي الطلاب المستجدين للحصول على إجابة للسؤال الأكثر تداولاً في هذه الفترة في مجال الهندسات

” شو الفرق بين الحواسيب والمعلوماتية؟!”

هذه التدوينة هي نتيجة بحث والقليل من الخبرة المتواضعة، أرجو أن أكون قد قدمت ما يفيد ويساعد في اتخاذ هذا القرار!

خيارات موفّقة، وقراءة ممتعة 😉

لكن مهلاً، ما هي الهندسة؟

الهندسة ببساطة هي إيجاد أفضل الطرق العلمية وأكثرها كفاءة لاستخدام الموارد بهدف حل المشاكل.

لنبدأ الآن !

الهندسة المعلوماتية  هي خليط مما يدعى في الخارج Computer Science (علم الحاسوب) و Information Technology (تكنولوجيا المعلومات).

علم الحاسوب هو الاختصاص الذي يهتم بابتكار طرق لحل المشاكل أو القيام بالمهام باستخدام الحاسوب، وبالاعتماد على النظريات الرياضية والخوارزميات، بحيث يتم التركيز الأكبر فيه على ابتكار الخوارزميات والنظريات المساعدة لحل المشكلات الحاسوبية وتصميم نماذج قابلة للتطبيق منها.

 وتكنولوجيا المعلومات تعنى بتطبيقات علم الحاسوب والاستفادة المثلى منه.فهي تستفيد من منجزات علم الحاسوب  في حل المشاكل المعلوماتية التي تتلخص في نقل وحفظ والتعامل مع المعلومات بمختلف أنواعها.

وبالعودة إلى الهندسة المعلوماتية  في جامعة دمشق، فهي كما قلنا خليط بين الاثنين، إذ أنها تتضمن دراسة الرياضيات

والخوارزميات والبرمجة (الأمور المرتبطة بعلم الحاسوب) بقدر الحاجة، ثم تعليم كيفية الاستفادة من ذلك وتوظيفه بشكل عملي تطبيقي، وتدمج ذلك مع خبرات في إدارة الأعمال والعلاقات العامة والتسويق، بحيث يكتسب الطالب القدرة على إدارة عملية الابتكار والتطبيق والإنتاج والتسويق بأفضل شكل ممكن، ولهذا يندرج الاختصاص تحت مسمى “هندسة”.

ويكون مهندس المعلوماتية قادراً على إنشاء أشياء حياتية حقيقية قابلة للاستخدام مثل مواقع الوب، مزودات خدمة الإنترنت، برامج المحاسبة، الألعاب… إلخ، ويكون قادرا على إنشاء نظم متكاملة كنظم التشغيل وأنظمة ادارة المحتوى والمنصات وأطر العمل الضخمة.

وهو يستخدم علم الحاسوب بطريقة ذكية بحيث يحقق أعلى إنتاج بأقل تكاليف، بمعنى آخر: يطبق علم الحاسوب بشكل عملي بالشكل الأمثل.

هندسة الحواسيب والأتمتة  هي دمج بين الهندسة الالكترونية والكهربائية وشيء من المعلوماتية، اللازمة لتطوير عتاد و برمجيات الحاسوب.

الهندسة الكهربائية والإلكترونية  هي تخصص هندسي يهتم بدراسة وتطبيقات علوم الكهرباء والالكترونيات والمجالات الكهرومغناطيسية.

يغطي هذا المجال عدداً من المواضيع الفرعية والتي تتضمن الطاقة والإلكترونيات ونظم التحكم الآلي ومعالجة الإشارات والاتصالات اللاسلكية.

ومن الممكن أن نقول أن الهندسة الكهربائية قد تتضمن أيضاً هندسة الإلكترونيات وقد لا تتضمنها. ويمكن التفريق بينهما حيث تهتم هندسة الكهرباء بالأمور المتعلقة بنظم الكهرباء عالية الجهد مثل نقل الطاقة والتحكم في المحركات، بينما تتعامل هندسة الإلكترونيات مع دراسة النظم الإلكترونية ذات المقاييس المنخفضة (تيار منخفض –جهد منخفض)، ويتضمن ذلك علوم الحاسبات والدارات المتكاملة.

بالعودة إلى هندسة الحواسيب والأتمتة في جامعة دمشق فهي فرع هندسي  يهدف لبناء البنية التحتية (الحاسوب و نظمه) التي يمكن باستخدامها حل المشاكل المعلوماتية.

يدرس هذا الاختصاص الأسس الفيزيائية للدارات الكهربائية والالكترونية، ويتطرق إلى تصميم المعالج كنواة الحاسوب، وتصميم بروتوكولات وآليات الإدخال والإخراج، و البرمجيات الدنيا التي تحكم هذه المكونات (نظم التشغيل)، بالإضافة إلى نظم الاتصالات ونظم التحكم.

خريجو هذا الاختصاص مؤهلون لتصميم وتطوير مكونات الحاسوب، بناء المنظومات الحاسوبية بمختلف أشكالها، بناء وإدارة النظم التحكمية (مثل المصانع والروبوتات).

يطور مهندس الحواسيب ما يستعمله مهندس المعلوماتية لحل مشاكل العالم.

الهندسة المعلوماتية هي فن استثمار القدرة الحاسوبية

الفرق بينهما كالفرق بين المصنّع الذي يخترع آلة للنسيج، وبين النساج الذي يستخدم الآلة بطرق إبداعية جديدة!

يحتاج المصنّع بالضرورة لفهم بعض تقنيات النساج ليمكنه إنجاز الآلة، في حين لا يضطر النساج لفهم ميكانيك الآلة إلا في حدود استخدامها.

ضمن جامعة دمشق، معظم مواد السنتين الأوليتين في الاختصاصين متشابهة، فيهما نفس الجرعة من الرياضيات والبرمجة، ثم تميل المعلوماتية باتجاه المزيد من البرمجة والخوارزميات و المنطق، في حين تركز هندسة الحواسيب والأتمتة على فيزياء الدارات الكهربائية والالكترونية ورياضيات التحكم.

بناء الحواسيب ( الأحمر) وبناء المعلوماتية (الأبيض) يساراً

• تنقسم الهندسة المعلوماتية من السنة الرابعة إلى هندسة البرمجيات، هندسة النظم والشبكات و الذكاء الصنعي.

  هندسة البرمجيات تدور حول قواعد البيانات، وتطبيقات الانترنت وتركز على طريقة بناء النظم البرمجية (بنيان البرمجيات).

  هندسة النظم والشبكات تدرس البرمجة الموزعة وبروتوكولات الشبكات وتصميم وإدارة وأمن الشبكات الحاسوبية.

  الذكاء الصنعي يدرس المشاكل التي لا يمكن حلها بالطرق التقليدية، مثل جعل الحاسوب يفهم اللغة أو الصور والفيديو (الإبصار الحاسوبي)، أو يقوم بالمحاكمة المعقدة أو بالتعلم.

  يمكنكم الإطلاع على الخطة الدراسية للهندسة المعلوماتية من هنا.

• وأما هندسة  الحواسيب والأتمتة تنقسم إلى هندسة الحواسيب وهندسة التحكم والأتمتة.

  هندسة الحواسيب تأخذ من هذا كل ما يفيدها لبناء القدرة الحاسوبية، فتدرس قواعد البيانات و الشبكات و تدرس تقنيات من الذكاء الصنعي و الإبصار الحاسوبي، كما تدرس النظم المضمنة (الرقاقات التي تقوم بالحوسبة ضمن أي جهاز تراه حولك)، وتدرس الاتصالات ومعالجة الإشارة والشبكات.

  هندسة التحكم والأتمتة تدرس التحكم بشكل واسع، وتدرس الآلات الكهربائية و الروبوتات والشبكات الصناعية بالإضافة إلى بعض المواد المشتركة بين الاختصاصين.

  يمكنكم الإطلاع على الخطة الدراسية الكاملة لـ هندسة الحواسيب وهنا أيضاً.

أما بالنسبة لمجالات العمل:

• بصفة المعلوماتية أكثر “نعومة” فالعمل في مجالها أسهل، وشركات البرمجيات كثيرة نسبياً وكذلك شركات تزويد الحلول (المنظومات الحاسوبية المؤلفة من حواسب وشبكات و نظم إدارتها).
• خريجو هندسة التحكم والأتمتة يعملون في شركات التحكم (وهي مازالت قليلة نسبياً) أو في المعامل مباشرة.
• خريجو هندسة الحواسيب يعملون حالياً في شركات تزويد الحلول أو شركات الاتصالات ويمكنهم الاستفادة من فرص العمل البرمجية (برمجة ويب – برمجة شبكات – ..إلخ)

بالنسبة للدراسات العليا فكل الفروع السابقة لها درجات الماجستير الخاصة بها في جامعة دمشق، وهندسة الروبوت هي إضافة جديدة إلى قسم التحكم.

من الجدير بالذكر  جهود مجموعة 4NewHamak الطلابية المشكورة في تصميم كتيّبات تعريفية لأقسام كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية ( الهمك)، ومنها هندسة الحواسيب وهندسة المعلوماتية.

وأيضاً أقيمت محاضرة تعريفية بقسم هندسة الحواسيب والأتمتة قدمها الزميل إيهاب المصري ضمن نشاط ” الاختصاصات بنكهة ويكيلوجية“، وضح فيها موضوعات هذا القسم واختصاصاته والآفاق الجديدة له.

بالإضافة إلى المقالة التالية التي تتناول قسم “ الأتمتة الصناعية والتحكم الآلي” الذي لا يدرس في جامعة دمشق كاختصاص متفرد وإنما ضمن كلية هندسة الحواسيب والأتمتة، وتوضح أيضاً المقالة واقع عمل مهندس الأتمتة في سوريا.

أما المحاضرة التعريفية بالهندسة المعلوماتية قام بها عدة زملاء من طلاب الكلية ولكل الاختصاصات!

أتمنى لكم مشاهدة رائعة 🙂

تجربة شخصية

لطالما حلمت منذ الصف الثامن بدخولي كلية الهندسة المعلوماتية وذلك لتأثري الشديد بهذه المادة الدراسية في المدرسة و تفوقي بها، وتأصّل هذا الحلم أكثر فور التحاقي بالأولمبياد المعلوماتي السوري خلال دراستي الثانوية.

وظل الحلم نصب عينيّ و(شدّيت حيلي 🙂 ) بالبكالوريا وحصّلت مجموعاً يخوّلني للالتحاق بالكلية المعلوماتية  ولله الحمد.

ولكن بعد دراسة متعمّقة للخيارات المتاحة والتي تشمل ناحية المعلوماتية ( أي موضوع التدوينة هذه) فاخترت الحواسيب لما وجدت فيها مما يوافق ميولي وطموحي. وبعد نتيجة المفاضلة ، الحواسيب اختارتني أيضاً 😉

ملاحظات هامة 

1. قد يتبادر لأذهاننا أن ما نتعلمه في الجامعات هو كاف لفتح القلعة!-إن صح التعبير- ولكن في الحقيقة لو اعتمد الطالب الجامعي على المقررات الجامعية فحسب طيلة دراسته فإن هذه المقررات سترفعه للمستوى الصفر! نعم المستوى الصفر!! فالمقررات الجامعية لا تفي بالغرض مطلقاً وإنما على الطالب أن يعتمد على نفسه في التعلّم، وما أكثر وسائل التعلّم الذاتي في عصر الإنترنت!
2.  عليكم باختيار الاختصاص الذي يناسب طبيعتكم وقدراتكم وميولكم! ولا تقايضوا بدرجاتكم في الشهادة الثانوية اختصاصاً لا تحبونه لإرضاء فلان ومجتمعه 🙂 أحبّوا الذي تتعلموه حتى تبدعوا به وتتفوقوا في المجتمع!
3. ربما قد لاحظتم أنني لم أتوسع بالحديث عن مجالات العمل ، وذلك لإيماني الكبير بأن كل إنسان هو صانع لفرصة عمله وذلك بجهده المبذول خلال فترة دراسته وتفوقه في مجاله.
4.  لتوسّع كلا الاختصاصين وصعوبة اختيار صورة تعبر عن المتخرج من كل منهما، استخدمت للتعبير عن كل قسم صورة للبناء الخاص به ضمن جامعة دمشق 🙂 والشكر الجزيل لـ صور من الهمك لإسعافي في ذلك !
5. شكر خاص لمجتمع تعرف على جامعتك ونشاطه العام الماضي وتنظيمه الجديد العام الحالي ومساعدته وتوفيره الإجابات الوافية لجميع الطلاب.
6. تابعوا المشروع الجديد Passioneers والذي سيتناول قريباً حياة أناس مبدعين ومميزين عرب من كل اختصاص جامعي بغرض التعريف بالاختصاصات بلغة إيجابية وبناءة .