كيف تختار فكرة مشروعك الجامعي

قد تظن أن هذه التدوينة موجهة لطلاب السنوات الأخيرة في الكليات التقنية، ولكن الحقيقة أن اختيار فكرة مشروع ليست محددة بوقت معين -وليست أيضاً محصورة بمشروع تخرج- والحقيقة أن تشكيل هذه الفكرة يبدأ بوقت مبكر تماماً لأن مشروعك غالباً ما يكون في النهاية هو مجرد تراكم خبرات وأفكار سابقة قمت بالعمل عليها أثناء مرحلتك الدراسية… بالتالي رحلة البحث عن فكرة تتوج بها مشوارك الهندسي والتقني تبداً عند أول خطوة تخطوها في الجامعة.

لا بد من الإشارة إلى أنني قد أتطرق لبعض الأمثلة الهندسية والتقنية نظراً لاختصاصي الدراسي.

biteslide-simplify-pbl

كان موسم عرض مشاريع التخرج الذي يقام كل سنة في كليتي، هندسة الحواسيب، يستهويني بشدة ومنذ السنة الأولى. كنت أحرص على حضور أكبر قدر ممكن من المشاريع وفي حال لم أتمكن من الحضور أستفسر أكثر عن المشروع وأحاول قراءة ملخص عنه وسؤال أصحابه عن التقنيات والصعوبات التي واجهتهم.
بعد خبرة 5 سنوات في حضور مشاريع متعددة ومتابعة أدق التفاصيل 😀 وبعد إنجاز مُرضي في مشروع التخرج، استخلصت بعض الإرشادات العامة قد تساعدك في اختيار وتقييم فكرة مشروعك 🙂

ملاحظة أولية: لا تخلو رحلة التعلم من تقليد بعض المشاريع التطبيقية الجاهزة والموجودة على الانترنت التي تركز غالباً على مفهوم معين والتي تكسبك عند تطبيقها المزيد من الخبرة وتعرفك على أدوات وتقنيات حديثة، مثل تصميم و برمجة آلة حاسبة أو برمجة إشارة مرور باستخدام المتحكمات وغيرها. إن العمل على هذه المشاريع خطوة مهمة في تطوير قدراتك الهندسية لأنه كما يقولون “كل مبتكر عظيم لا بد كان مقلداً بارعاً!” ولكن تطبيق هذه المشاريع والحديث عنها هو ليس موضوع هذه التدوينة ـ وهو ما لا ينبغي أن يكون ما تبحث عنه أنت كطالب شغوف بالتعلم والإنجاز –  بل نركز هنا على ابتكار مشاريع ذات إسهام علمي وإضافات جديدة مطبوعة ببصمتك الخاصة.

بشكل عام، على المشروع الجامعي الجيد أن يحقق عدة عناصر أساسية:

  • أن يكون ذا جدوى ( علمية، بحثية، يحل مشكلة ما، يقدم حلاً مبتكراً، يقترح أسلوباً آخراً لحل مشكلة سابقة، يطور على نظرية ما أو يختبر فكرة نظرية جديدة تطبيقياً..)
    فليس الهدف إرضاء الجامعة أو المشرف أو التباهي بتقنيات جاهزة بقدر ما هو تحقيق فائدة علمية تعود على نفسك بالخبرة بالإضافة لفتحها لك طريقاً مستقبلياً في هذا المجال.
  • أن يكون قابلاً للتطبيق التقني
  • أن يكون قابلاً للإنجاز في الفترة المحددة له
  • أن تملك الخبرات اللازمة أو رغبة التعلم من أجل إنجازه

تجد في الأسفل بعض الأسئلة التي بإجابتك عليها قد تشكل تصوراً مبدئياً لمشروعك. في حال كانت إجابتك بنظرك غير مقنعة بما فيه الكفاية، عليك بإعادة التفكير وصياغة الفكرة مجدداً أو اختيار ميزات معينة من المشروع دون غيرها قد تراها تزيد من جدوى المشروع للتركيز عليها.

idea


ما هي المشكلة التي يحلها المشروع؟
كم هي مهمة، ملحّة، محلية، أو عالمية؟ كيف سيغير حلها العالم للأفضل؟ وما هو الحل الذي تقترحه؟ وضح هنا ما هو المجال الذي ستبدأ بالعمل به، وما ستكون نتيجة تطبيق مشروعك.
هذا هو أهم سؤال عليك أن تبدأ به، وكلما كانت المشكلة حقيقية ومهمة كلما كان الحل، وبالتالي مشروعك، أكثر أهمية وتميزاً. مثلاً، أقتبس هنا هدف مشروع تخرجي للتوضيح فقط:

يواجه المبتدئون في مجال الالكترونيات صعوبات في بداية تعلمهم نتيجة نقص الخبرة والثقة، وقد تؤدي هذه المخاوف إلى تثبيط العملية التعليمية وعدم إدراك مداها في الوقت المحدد لها.
هدف هذا المشروع هو مساعدة هذه الفئة من المتعلمين لإعطائهم الثقة في مرحلة تعلمهم وإرشادهم بطريقة تفاعلية شيقة لطريقة التوصيل الصحيحة للدارات التجريبية وبناء دارات خالية من الأخطاء، من خلال التفاعل المباشر مع دارتهم التي يطبقونها دون الحاجة للعودة المستمرة إلى المراجع أو تعلم برامج المحاكاة المساعدة من البداية، مما يوفر الوقت على المتعلم ويعزز عملية التعلم.

ما هي عناصر المشروع؟
هل يضم المشروع عناصر برمجية أم عتادية؟ أم كليهما؟هل يتضمن مشروعك حساسات أو يتطلب تجهيزات صناعية؟ هل تستخدم خوارزميات الإبصار الحاسوبي أو التعلم الآلي؟ أم تبرمج تطبيقاً مكتبياً أم وحدة تحكم؟
يمكنك إضافة كل التقنيات التي ستعمل عليها هنا بما في ذلك الأدوات البرمجية والعناصر العتادية المستخدمة.بالإجابة عن هذا السؤال ستعلم كل ما يلزمك تعلمه وحيازته والتدرب عليه لإنجاز مشروعك.

ما هي مميزات المشروع؟
ما الشيء الذي يجعل المشروع متميزاً؟ هل هو يؤمن التفاعل مع المستخدم؟ أم يعمل بالزمن الحقيقي؟ هل يطبق تقنية جديدة على مشكلة قديمة بشكل مبتكر؟ أم هل يدمج بين تقنيات لا تستعمل مع بعضها في العادة؟
بالإجابة عن هذا السؤال ستعلم ما الذي يميز الحل الذي تقترحه عن باقي الحلول وما هي نقاط قوة مشروعك لتركز عليها حين تصف مشروعك وتكتب عنه و”تسوّقه”.

ما هي أجزاء المشروع؟
يمكنك التلخيص في هذه الإجابة ما هي الوظائف التي يقوم بها المشروع مع توضيح كل جزء بأي عنصر ترتبط. مثلاً: مهمة الإبصار الآلي للوجوه  (باستخدام خوارزمية الإبصار الحاسوبي X)
بالإجابة عن هذا السؤال ستستطيع رسم مخطط صندوقي للنظام الخاص بك يوضح الدخل والخرج و العمليات التي تعالج الدخل كصناديق سوداء black boxes ولكن بشكل رسومي ومتتالي ويضم جميع العناصر والمدخلات والمخرجات والمهام الخاصة بالمشروع، وبالتالي ستمتلك نظرة شمولية للمشروع من قبل أن تبدأ.

ما هي الخطوات العملية لتنفيذ المشروع؟
ما هو تسلسل المهام؟ ما هي المراحل التي يمر بها المشروع؟ ومن سيفعل ماذا؟ ومتى؟ بالإجابة عن هذا السؤال سيتوضح لك التسلسل المنطقي لتنفيذ المشروع وستستطيع التفكير في توزيع المهام بين أعضاء فريق المشروع بشكل مدروس ومتوازن.

هل حجم المشروع مناسب؟
ما هو الجزء الرئيس في المشروع الذي لا بد أن يكتمل في الوقت المرصود؟ وما هي المهمات الإضافية التي قد أو قد لا يتسع لها الوقت؟ ما الخطة في حال لم تنجح إحدى المهام أو تأخرت أو ظهرت لها عوائق غير متوقعة؟
 بالإجابة عن هذا السؤال ستكون خططاً استباقية لمشروعك تحت مختلف الاحتمالات وتكون على بصيرة بالأولويات والأمور الثانوية التكميلية.

هذه الأسئلة توضح لك تماماً حجم المشروع والجهد اللازم لتطبيقه، ومن الطبيعي أن تواجه العديد من القيود بسبب الوقت الضيق أو الموارد المتاحة. لنتائج أفضل، يمكنك تقسيم فكرتك العظيمة التي تحلم بتطبيقها إلى عدة مشاريع متوسطة وقم بتنفيذها تدريجياً كـ مشاريع فصلية أو عملية، فربما كل مهمة منها تصلح أن تكون مشروعاً صغيراً متكاملاً قائماً بذاته. بعد ذلك، يمكنك دمج خبراتك السابقة بقالب واحد يناسب أهداف مشروعك النهائي. سيزيد ذلك من حصيلتك العلمية ويتيح لك المزيد من الوقت للتركيز على إغناء المشروع بميزات إضافية.
وقد يفتح لك هذا باباً للتطوير على المشروع في المستقبل، فمن الممكن إن كنت حاذقاً أن تتعلم المهارات وتبدأ بذل الجهد في ما سيصبح مصدر دخلك في ما بعد!
ولا تنس في النهاية أن تتأكد أن العالم قد سمع عن مشروعك! فما لم تستطع إنجازه أنت قد يكون فرصة لطلاب وباحثين آخرين لإكمال العمل من نقطة توقفك فإن أغلب المشاريع ما هي إلا إضافات وإسهامات علمية جديدة على مشاريع وأبحاث سابقة.

banner-research-new-idea-award

يمكنك تنزيل هذا الملف والذي يمكن اعتباره قالباً template للتوصيف الأولي للمشروع.
توصيف فكرة المشروع بهذه الطريقة ساعدتنا أنا وفريقي أثناء العمل على استذكار كل الأفكار التي قمنا بالتخطيط لها، وبحمد الله وتوفيقه انتهى بنا الأمر بتنفيذ كل ما قمنا بالتخطيط له في هذا الملف.

ملاحظة هامة: إعطاء نسخة من هذا الملف – بعد أن تجيب على كل الأسئلة فيه بشكل محكم – للأستاذ المشرف على المشروع من أول يوم ستزيد من قدرته على فهم مرادك وتخيل صورة كاملة عن كيفية تطبيقه وآفاقه، بالإضافة قد يمنحك موافقة فورية للإشراف 😀 مجربة 😉

ما أشاركه معك هو بالنهاية اقتراح شخصي في كيفية ضبط عملية توليد الأفكار وقولبتها بطريقة صحيحة بأسرع وقت ممكن لمشروع العمر. أرجو أن يكون اقتراحي في ترتيب أفكار المشاريع مفيداً وأن يكون عنصراً مساعداً في مرحلة التخطيط لمشروعك الجديد! 🙂

 

Advertisement

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s